تقدير موقف

الجولة الجديدة من المواجهة مع داعش في العراق: مشكلة الأمن غير المستدام

نجحت القوات المسلحة العراقية وبأسناد من قوات التحالف الدولي في استعادة جميع المدن والأراضي التي كانت تحت سيطرة تنظيم داعش الإرهابي في أواخر العام 2017، وأعلنت الحكومة العراقية القضاء على تنظيم داعش عسكرياً بعد ثلاث سنوات من إعلان زعيم التنظيم (أبو بكر البغدادي) ما سميت بـ (الخلافة الإسلامية) أو(الدولة الإسلامية في العراق والشام)، التي تم اختزالها في وسائل الإعلام بـأسم (داعش). ولكن للأسف بدأت الهجمات المسلحة لهذا التنظيم تعود منذ شهر شباط 2018، وتكررت في الأشهر الماضية في العراق حوادث الخطف والقتل وقطع الطرق ومهاجمة القوات الحكومية والقرى النائية، التي تقوم بها مجاميع مسلحة تدعي انتسابها إلى تنظيم داعش. استخدم داعش ثلاثة أساليب قتالية في هذه العمليات الإرهابية، الأول هو قيام مجموعة من العناصر المسلحة للتنظيم بارتداء ملابس عسكرية مشابهة لملابس القوات العراقية الحكومية ونصب نقاط تفتيش (وهمية) على الطرق الرئيسية، لفترة وجيزة تكفي عناصر داعش لخطف مجموعة من المتنقلين على تلك الطرق، وقتلهم فيما بعد. والأسلوب الثاني هو نصب كمائن مسلحة في المناطق النائية وذات الطبيعة الجغرافية الوعرة، لمهاجمة دوريات القوات الأمنية الحكومية والحشد الشعبي، وخطف وقتل أفراد تلك الدوريات. أما الأسلوب الثالث فهو قيام مجاميع من داعش بهجمات خاطفة على القرى النائية في أطراف المدن التي فقد تنظيم داعش السيطرة عليها، وبخاصة قرى العشائر المتعاونة مع القوات الحكومية والحشد الشعبي. معدل هذه العمليات الإرهابية التي يقوم بها داعش لا يتعدى عمليتين في الأسبوع. شملت هذه العمليات الإرهابية الطرق التي تربط قضاء الحويجة بمدينة كركوك، وطريق كركوك-بغداد المار بمحافظة ديالى، وطريق ديالى-بغداد السياحي (جنوب بهرز). كما شملت القرى النائية في أطراف محافظات نينوى وصلاح الدين وكركوك والأنبار وديالى. هذه العمليات الإرهابية تطرح تساؤلات عديدة حول حقيقة الأوضاع الأمنية الحالية في العراق، والتي ترتبط حتماً بالأوضاع السياسية والإجتماعية.