تقدير موقف

طبيعة العلاقة بين قوى المؤسسة العسكرية في السودان

لم يكن السودان إستثناء في قاعدة الفوضى التي شملت دول الربيع العربي عقب الثورات الشعبية التي أطاحت بالأنظمة الشمولية في المنطقة. ومنذ أن خُلع نظام البشير في العام 2019 بثورة شعبية يواجه السودان أزمة عدم استقرار عميقة وتشظي بين قوى الثورة العسكرية والمدنية. قد يبدو لمن يتابع المشهد السوداني عن بعد بأن واقع الخلافات متركز في التوتر القائم بين المكونين العسكري والمدني، ولكن هنالك انقساما آخر خفي يظهر بصورة خجولة في بعض الأحيان بين الكتل الرئيسة في المكون العسكري نفسه. بتعبير مباشر هناك عدم انسجام واختلافات مجمدة بين الجيش وقوات الدعم السريع المثيرة للجدل، وذلك بسبب الانخراط الكبير للأخيرة في الشأن العام، وإمساكها بملفات سيادية حساسة. فضلاً عن حالة الامتعاض لدى الحركات المسلحة الموقعة لاتفاق سلام جوبا بسبب تباطؤ تطبيق بنود الترتيبات الأمنية المضمنة في هذه الاتفاق.

 تحاول هذه المقالة مناقشة الدور السياسي لنائب رئيس المجلس السيادي في السودان وقائد قوات الدعم السريع الفريق أول (جنرال) محمد حمدان دقلو "حميدتي"، وتسليط الأضواء على التنافس غير المعلن بين حميدتي والفريق أول عبد الفتاح البرهان رئيس المجلس السيادي، برغم مظاهر التوافق والتخادم السياسي التي تبدو بينهما، بالإضافة إلى البحث في العراقيل التي تواجه مسار دمج قوات الحركات المسلحة في تشكيلات الجيش والقوات الأمنية الأخرى، والتطرق للأسباب الأساسية التي تمنع من الإيفاء بمتطلبات السلام، ودور القوى الخارجية في توازنات القوى العسكرية في البلاد، كما تستشرف هذه المقالة الانقسامات المحتملة بين القوى المسلحة ضمن إطار سيناريوهات الدمج المتوقعة.