تقدير موقف

الحوار الإستراتيجي بين الولايات المتحدة والعراق: قراءة في الدوافع والنتائج

في خضم ظروف سياسية، أمنية، اقتصادية، صحية صعبة في العراق، ناتجة (في ذلك الوقت) عن تعثر اختيار رئيس وزراء بديل لرئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي، وتصاعد تبادل الهجمات والتهديدات (السياسية والمسلحة) بين الأطراف العراقية المدعومة من ايران والقوات الأمريكية في العراق، والهبوط الدراماتيكي لأسعار النفط الذي يمول 93 %؜ من ايرادات الموازنة العراقية، وتفشي جائحة فايروس كوفيد-19 الذي يشكل تحدياً مرعباً لقطاع الرعاية الصحية في العراق، أعلن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو في 7 نيسان/ أبريل 2020 عن مقترح إجراء حوار استراتيجي بين الولايات المتحدة والعراق في منتصف حزيران/ يونيو 2020. أوضح بومبيو بأن الحوار المقترح سيجرى خلاله مراجعة لكافة المواضيع المتعلقة بالعلاقات الأمريكية-العراقية، بما في ذلك مستقبل القوات الأمريكية في البلاد.

عقد الحوار عبر دائرة تلفزيونية مغلقة بسبب ظروف وباء كوفيد-19، في يوم 11 حزيران/ يونيو في الساعة 9 صباحاً بتوقيت واشنطن، الساعة 4 عصراً بتوقيت بغداد. وترأس الوفد الأمريكي في هذا الحوار ديفيد هيل نائب وزير الخارجية الأمريكي للشؤون السياسية، وكان الوفد العراقي برئاسة عبد الكريم هاشم الوكيل الأقدم في وزارة الخارجية العراقية.

بعد انتهاء الحوار الذي استغرق ساعتين، أعلن الطرفان عن بيان ختامي مشترك اتسم بالعمومية والشمولية، تضمن جوانب عديدة لتنظيم مستقبل العلاقات والتعاون بين البلدين (أمنياً، سياسياً، اقتصادياً، تعليمياً، صحياً)، كما تضمن وعوداً أمريكياً كثيرة بتقديم الدعم للعراق في جميع المجالات، ولكن البيان المشترك لم يتضمن أية أرقاماً أو تواريخ محددة.

لم تتسرب الكثير من المعلومات عما دار خلال ذلك الحوار أو أجواءه، حتى الوثيقة التي انتشرت قبل عقد الحوار في منصات التواصل الاجتماعي بوصفها جدول أعمال الحوار، نفى الطرفين صحتها. ديفيد شنكر مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى وأحد الأعضاء الأساسيين في الوفد الأمريكي لذلك الحوار، أدلى بعد نهاية الحوار مباشرةً بتصريح للصحفيين لم يخرج عن نص البيان المشترك الذي صدر لاحقاً، إلا بفقرة واحدة قالها شنكر في تصريحه، ولم ترد في البيان المشترك:"المجموعات العراقية المدعومة من إيران تعمل ضدنا عبر تأجيج الطائفية والتطرف والإرهاب وهذا ما ناقشناه اليوم"!