تقدير موقف

الجولان السوري المحتل بين نظريتي البيع والاحتلال

كثيرة هي التحليلات والقراءات لقرار الرئيس الأميركي “دونالد ترامب” الاعتراف بسيادة “إسرائيل” على الجولان السوري المحتل واعتبارها أرضاً إسرائيلية. الأمريكيون يعرفون حقيقة الوضع العربي، ويعلمون أن التصريحات والبيانات والشجب والاستنكار هو أقصى ما لدى القادة العرب في الوقت الراهن، ولن يذهبون إلى أبعد من ذلك، فهم لم يتخذوا موقفاً جاداً تجاه قضيتهم المركزية “فلسطين”، رغم ما تمثله “القدس” في الوعي العربي والإسلامي. وكذلك لم يتغير شيء بالنسبة للجولان.
 القرار الأمريكي يضاف إلى سلسلة المواقف والقرارات التي اتخذها الرئيس الأمريكي الحالي، وهو شبيه بـ “وعد بلفور جديد”، حيث تمنح الإدارة الأمريكية “ما لا تملكه لمن لا يستحقه”، كما فعلت انكلترا في فلسطين عام 1948، وهذا الأمر يتكرر للمرة الثانية في تاريخنا الحديث دون أي موقف عربي أو إسلامي يتجاوز الشجب والإدانة أو الرفض اللفظي.
يعتبر ضعف “الدولة السورية” من العوامل التي شجعت “ترامب” على قراره هذا، فلو كانت ما تزال كحالها قبل الـ 2011، فكان هذا الاعلان سيتسبب بإحراج كبير للنظام الحاكم، بصورة ستضطره للقيام بفعل ما، ولكن مع حالة ضعفه الحالية، فلا احد يتوقع منه رد فعل بأي شكل ابداً.
ومن الناحية الواقعية، لا قيمة لهذا الاعتراف، قانونياً، فالجولان أرض سورية محتلة، حسب النصوص والقوانين والأعراف الدولية، وبالتالي لن يتغير الشيء الكثير بعد اعتراف “ترامب” بـ “إسرائيليتها”، باستثناء، أنه شكل دعماً لـ«نتنياهو” رئيس الوزراء “الإسرائيلي” في الانتخابات السابقة التي جرت في 9 أبريل  2019م – “ نتنياهو” المعروف بإثارة الأزمات وخوض الحروب قبيل أي انتخابات يخوضها بهدف حشد أصوات اليمين وكان تعرض لانتقادات هذه المرة لعدم إصداره أوامر بشن عملية عسكرية على قطاع غزة -  وهنا يتضح من موقف “ترامب” - في حينه - وتزامنه مع أيام قليلة تسبق التصويت، أن غايته تقديم دعمٍ وهدية لا تقدر بثمن لـ«بنيامين نتنياهو”، رئيس الوزراء، للفوز بفترة رابعة في المنصب، وهذا ما حصل، بعد أن كانت المرحلة السابقة شديدة الصعوبة على “نتنياهو” وتكتله، حيث أوضحت استطلاعات الرأي المتعاقبة أن الليكود يخسر التأييد العام بشكل متواصل لصالح التحالف الذي يتزعمه رئيس الأركان السابق وصاحب الشعبية الكبيرة “بيني غانتس”.