تحليل

الحشد الشعبي العامل الجديد القابل للنقاش في العراق بعد داعش

ان استمرار فترة عدم الاستقرار السياسي والامني في العراق, حتى حزيران/ يونيو عام 2014 الذي استولى فيه داعش على الموصل، جعل الوضع العراقي يأخذ ابعادا اخرى. وقد أحدث اصرار رئيس الوزارء السابق نوري المالكي على تولي فترة رئاسية ثالثة بعد انتخابات 30 نيسان عام 2014 خلافات داخل الدولة، وادى استمرار هذه الخلافات الى فشل تشكيل الحكومة وحدوث ازمة في ادارة الدولة. وكانت المحصلة النهاية لكل هذه الامور دخول داعش للعراق. وقد وقفت قوات الامن العراقية عاجزة عن مواجهة تقدم داعش، بحيث استطاع داعش ان ينشط في الموصل وفي محافظات الأنبار وتكريت وديالى وجنوب كركوك وشمال بغداد وجنوبها، حتى وصل الامر الى سيطرة داعش على ما يقارب من ثلث اراضي العراق. ولم يقتصر خطر داعش على العراق فحسب، انما اصبح هذا الخطر يهدد الشرق الاوسط بأجمعه. وقد أدّت هذه التهديدات الى حصول تغيرات في التوازنات السياسية والامنية في العراق، اضافة الى ظهور عوامل واتفاقيات وتوازنات جديدة في البلاد، وان كل هذه العوامل أثّرت في تحديد السياسة العراقية. وقد نشط دور داعش في هذه المرحلة السياسية بشكل كبير، ويضاف الى ذلك حصول تطورات في السياسة الداخلية العراقية تمثلت في زيادة الدور الايراني في العراق. وقد اضحت هذه التطورات الموضوع الاكثر نقاشا اقليميا وعالميا، وخاصة بعد عجز قوات الامن العراقية عن مواجهة داعش، الامر الذي ادى الى ازدياد نشاطات المليشيات الشيعية التي رحبت الحكومة العراقية بقيامها بهذا الدور بشكل كبير وقدمت لها الدعم اللازم. ان ظهور المليشيات من جهة و اصدار المرجع الديني الأعلى علي السيستاني فتوى الجهاد الكفائي من جهة اخرى زاد من قدرة الحكومة العراقية على مواجهة داعش بحيث تطوع آلاف من الشيعة العراقيين لمحاربة هذا التنظيم الإرهابي. ومن اجل ابعاد خطر داعش عن ارضيها تدخلت ايران وبشكل واسع في العراق وشاركت في العمليات العسكرية ضد هذا التنظيم. وهكذا اضحى خطر داعش من المواضيع المهمة في المنطقة. ولو نظرنا الى هذه المرحلة وخاصة بعد اصدار اية الله علي السيستاني فتوى الجهاد، نجد انه قد ظهرت ميليشات في الساحة العراقية تتكون من المتطوعيين العراقيين وتحت تاثير كبير من ايران. الذي يتكون من تجمعات » الحشد الشعبي « وتمت تسمية هذه الميلسشيات بعد ذلك باسم تشكلية الجمهور/ الشعب والمتطوعين والوحدات التطوعية بحيت اصبح هذا التشكيل من العناصر القوية في مواجهة داعش. ان قوات الحشد الشعبي التي ظهرت في البداية بهدف تقديم الدعم والمساعدة لقوات الامن العراقية، اضحت بعد فترة من ذلك عاملا رئيسيا في مواجهة داعش. وبينما يستمر تحوّل الحشد الشعبي الذي يتلقّى دعما من الحكومة العراقية الى تنظيم مؤسساتي، باضفاء طابع المؤسسة الرسمية عليه، فان ظهوره بشكل مليشيا جلب معه مشاكل جديدة، كان من ضمنها ظهور الصراعات داخل الجماعات المختلفة التي تنضوي تحت تشكيله، وأدت الممارسات السلبية لهذه الجماعات في المناطق السنية، واستغلال ايران الحشد الشعبي للتدخل وبصورة فعالة من خلال قادته العسكريين الذي استخدمهم في العراق هذا التدخل من قبل ايران الى نقاشات مستمرة، لان موضوع محاربة داعش اصبح الموضوع الاساسي في تلك الفترة. ومن خلال هذه الدرسة التي بين يدينا نحاول تسليط الضوء وبشكل واسع على كيفية ظهور الحشد الشعبي، ودراسة هيكليته عن طريق الزيارات الميدانية والمعلومات التي تم جمعها، والبيانات الشخصية للمليشيات الموجودة داخل هذه الجماعات ودراسة المشاكل الاساسية حول هذه التشكيلة، ومن خلال تحليل وتقييم التبعات التي تخلفها مليشيات الحشد الشعبي بعد القضاء على داعش، وتعتبر هذه الدراسة من الدراسات المفصلة حول الحشد الشعبي ونأمل ان يفيدكم وان ينال اعجابكم .